مقالة مقارنة ميز بين الاورغنون و اللوجستيك



I - المقدمــة (طرح المشكلة) إن الفكر الإنساني يسعى دائما نحو الصواب المطلق، ومواجهة كل ما من شأنه أن يوقعنا في الخطأ، فكان منطق أرسطو سدا واجه الأقيسة الفاسدة التي وجدها عند السوفسطائيين، فحطم بذلك كل أشكال الكذب. فأصبح بذلك نموذجا ومعيارا يقاس على أثره الصواب. لكن ومع التطورات الحاصلة في العصر الحديث ناد البعض بالتخلي عن هذا النوع من المنطق الصوري، لأن ما جاء به راسل (المنطق الرمزي)يعد مشابها لما جاء به أرسطو في صورة جديدة. إلا أن الدارس للمنطق يقر بالانفصال التام بينهما، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل بالقول: ما هي أوجه الاختلاف الموجودة بين المنطق الصوري والمنطق الرمزي؟ ما هي نقاط التشابه والتداخل المسجلة بينهما؟ بل ما طبيعة العلاقة القائمة بين منطق أرسطو ومنطق راسل ؟


II - التوسيـع ( محاولة حل المشكلة)                                                                 
1 - نقاط الاختلاف:إن الدراسة النقدية لكل من الحدين تقودنا إلى تسجيل نقاط اختلاف جوهرية بينهما، وتتمثل أساسا في: أن منطق أرسطو صوري، وجد من أجل تحقيق تطابق الفكر مع ذاته، فكانت لغته عادية، لأنه اعتمدا أساسا في الجدل والنقاش. بينما المنطق الرمزي جاء به برتراند راسل معتمدا اللغة الرمزية التي طبقت في الرياضيات فكانت نتائجها دقيقة، فأراد من خلال ذلك الارتقاء بالمنطق إلى مجال العلوم الدقيقة. منطق أرسطو اعتمد الاستدلال بنوعيه( المباشر، وغير المباشر) من أجل البرهنة على صدق القضايا، وظف التقابل، العكس المستوي والقياس، فكانت نتائجه لغوية لم تتجاوز نطاق التحصيل الحاصل لما وجد في المقدات، نتائج لم تقدم الجديد للفكر، لأنها مجرد انتقال المعلوم إلى المعلوم وهو ما أكده الدكتور مهدي فضل الله بقوله: "الاستدلال الصوري سواء منه المباشر أو غير المباشر، هو استدلال غير منتج، لأنه لا يمدنا بنتائج مجهولة، ولا يؤدي إلى اكتشاف نتائج جديدة، فمقدماته اليقينية أو الصادقة بالفرض، تتضمن وبشكل ما وخاصة المقدمة الكبرى منها النتائج المنبثقة منه بالضرورة، لهذا هو لا يصلح أن يكون أداة للبحث عن المعرفة." بينما المنطق الرمزي مع راسل عوض الاستنتاج بالاستنتاج الإنشائي الذي هو انتقال من المعلوم إلى المجهول، اعتمد البرهان الرياضي التحليلي والتركيبي من أجل تحقيق المصداقية والدقة التي تبحث عنها العلوم. المنطق الصوري ارتبط في الوجود بالمجتمع الإغريقي القديم ، بينما اللوجستيك فقد ارتبط في الوجود بالفكر الغربي الحديث، و هذا ما جعله ممتلكا لمعالم العلم اليقيني.


  2 - نقاط التشابه: لكن وعلى الرغم من وجود الاختلاف بين المنطق الصوري والرياضي ، إلا أنه  لا يعد مانعا من تسجيل التشابه بينهما، لأن كلاهما منطق  وجد للبحث عن الحقيقة والصواب ووضع معيار التفكير الصحيح. كلاهما من إبداع الفكر الإنساني الذي يتطور بالتراكم. كلاهما اعتمد مبادئ ثابتة (مبدأ الهوية، عدم التناقض، الثالث المرفوع، السبب الكافي). كلاهما يراعي انسجام الفكر مع ذاته وليس الانطباق مع الواقع، كلاهما يبحث أساسا عن الصدق الصوري الذي يقتضي عدم التناقض بين المقدمات والنتائج، وليس الصدق الواقعي الذي تبحث عنه العلوم التجريبية.


  3- نقاط التداخل:     إن العلاقة بين المنطق الصوري والمنطق الرمزي هي علاقة تداخل، فلولا وجود المنطق الصوري الأرسطي لما تمكن راسل من إبداع المنطق اللوجيستيكي، إذ كان اللوجستيك مرحلة اكتمال المنطق الصوري وسدا لنقائصه وثغراته. هذا الفضل الذي يجوز أن ينسب لأنصار المنطق الرياضي، لأنهم حاولوا سد نقائص الأورغنون أكده الدكتور مهدي فضل الله بقوله:" ولعل أول من تفطن لذلك - ليبنتز - بمحاولته إدخال الرياضيات إلى المنطق فأصبح يسمى باسمه. " هذا الفضل تجلى من خلال نقل راسل القياس من التحصيل الحاصل والنتائج المختزلة من المقدمات، إلى نتائج مجهولة. تجلى من خلال استبدال اللغة العادية باللغة الرمزية التي سمحت بجعل النتائج أكثر مصداقية. هذا التكامل عبر عنه برتراند راسل بالقول: "المنطق يمثل شباب الرياضيات، والرياضيات تمثل طور رجولة المنطق. " 
        

III - خاتمة (حل المشكلة )
ختام القول يمكن التأكيد أن النظرة الأولية لكل من المنطق الصوري والمنطق الرمزي توحي بالاختلاف تبعا لاختلاف آلية التعبير في كليهما، إلا أن النظرة التأملية لكل منهما تجعلنا نؤمن بالتشابه والعلاقة التكاملية بينهما خاصة وأن كلاهما جاء من أجل الحقيقة والمعرفة، كما أنه لولا وجود المنطق الصوري لما تمكن راسل من إبداع المنطق الرمزي، ولولا الإضافات التي قدمها راسل، لما أخرج المنطق الأريسطي من تهمة البحث الفلسفي العقيم.

 تحميل مقالة برابط مباشر :


او 


Microsoft Word



       لمزيد من مقالات اضغط هنا  اي استفسار ضعه في تعليق  الله ينجحك ولا تنسونا من دعائكم لنا                                                          



ليست هناك تعليقات